مع تفاقم الاحتباس الحراري، يزداد الأمر سوءًا بالنسبة للعديد من الكائنات الحية، ومنها السحالي الصحراوية، التي أصبحت تُضطر إلى بذل مجهود أكبر بحثًا عن الطعام، ما يقود إلى عواقب وخيمة على وجودها ودورها في النظام البيئي.
ظهرت السحالي الأولى على كوكب الأرض منذ نحو 100 مليون سنة، وقد تطورت من الزواحف المبكرة، ونجحت في التكيف مع التغيرات المختلفة التي طرأت على النظام البيئي الأرضي حتى وقتنا هذا.
واليوم يُقدر العلماء إجمالي أنواع السحالي على الأرض بـ6000 نوع تقريبًا. وتلعب السحالي دورًا محوريًا في النظم البيئية والشبكة الغذائية؛ إذ تسهم في نثر البذور، وهي مصدر للغذاء للحيوانات الأخرى.
ضغوطات
مع ارتفاع درجات الحرارة، نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري، صارت السحالي الصحراوية تحت ضغوطات بيئية كبيرة؛ فهي تحتاج إلى الحفاظ على درجات حرارة جسمها في نطاق معين، لكن التغيرات في درجات الحرارة من حولها يجعلها في حاجة دائمة إلى مصدر للطاقة، من خلاله يمكنها الحفاظ على درجات حرارة جسمها.
وبالطبع المصدر الأول لهذه الطاقة هو الطعام. لكن المشكلة الأكبر هي أنّ الطعام نادر في تلك البيئات الصحراوية نتيجة الجو الحار، ومع تفاقم الاحتباس الحراري، يزداد الأمر سوءًا، وتُضطر تلك السحالي إلى بذل مجهود أكبر بحثًا عن الطعام، ما يقود إلى عواقب وخيمة على السحالي الصحراوية. وهذا ما ناقشته مجموعة بحثية من جامعة ملبورن في أستراليا. ونشروا ما توصّلوا إليه في دورية "ساينس" في 16 يناير/كانون الثاني للعام 2025.
تكاليف أعلى
أراد الباحثون حساب مقدار الطاقة التي تبذلها السحالي الصحراوية للحصول على الطعام والحفاظ على حرارة جسمها؛ للتكيف مع الظروف الحرارية المحيطة. بالأحرى، هدف الباحثون إلى دراسة تكاليف المعيشة لتلك السحالي، المتمثلة في الطاقة.
لذلك، صمّم مؤلفو الدراسة نموذجًا يمكنه التنبؤ بتكلفة المعيشة لتلك السحالي؛ مستعينين ببيانات ميدانية تاريخية، ليتمكنوا من قياس مدى تأثيرات الارتفاع في درجات الحرارة على السحالي الصحراوية. هذا النموذج من شأنه أن يساعد الباحثون في التنبؤ بتأثيرات درجات الحرارة على الأنواع الأخرى المهددة بالحرارة المرتفعة.
ماذا وجدوا؟
وجد الباحثون أنّ الاحتباس الحراري يزيد حاجة السحالي إلى الطعام اللازم لتوليد الطاقة من أجل البقاء على قيد الحياة. وتتعرض السحالي النهارية لضغط أكبر؛ لأنها تُضطر إلى البحث عن الطعام في درجات الحرارة الشديدة خلال فترات زمنية محدودة، على عكس السحالي الليلية التي تستفيد من الليالي الدافئة لقضاء وقت أطول في الصيد والبحث عن الطعام.
من جانب آخر، توّصل الباحثون إلى أنّ المناطق الأشد في الحرارة، ستواجه الأنواع التي تعيش فيها المزيد من التحديات مستقبلًا. وتزداد الضغوطات على الأنواع تحديدًا خلال فصلي الصيف والربيع، وهما فصلا التكاثر لمعظم الأنواع.
تواجه أنواع الكائنات الحية الأخرى ضغوطات بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، ما يضعها في مواجهة المخاطر المختلفة، ما يزيد الحاجة إلى إجراءات أكثر صرامة للتخفيف والتكيف مع أزمة المناخ.